الباحث الحكيم الذى يريد أن يصل إلى الحق فى موضوع معين لابد أن يدرس بتدقيق كل النصوص التى تتعلق بموضوع بحثه و الظروف و الملابسات التى قيلت فيها ، و لذلك من الخطورة فى دراستنا لعقائدنا المسيحية ، إستخدام أيه واحدة أو بعض الأيات و إهمال الأخرى ، و إهمال دراسة الظروف التى قيلت فيها لأن هذا سيقودنا لمعنى بعيداً عما قصده الوحى الإلهى .
و يقع البعض فى هذا الخطأ ، إما لجهل بالكتاب المقدس ، أو لأنهم يأخذونه بالحرف دون دراسة الكتاب كله لفهم روحه و إما لسوء قصد فيأخدون من الكتاب ما يؤيد عقائدهم الخاطئة و يهملون الباقى ، فيَضِلون و يُضلون غيرهم . و أمثلة ذلك تركيز شهود يهوة و السبتيين على الأيات التى تتكلم عن ناسوت المسيح و إهمالهم الأيات التى تعلن لاهوته ، أو أخذهم الأيات التى تشير بصورة رمزية فى العهد القديم إلى المسيح ، و يغفلون أيات أخرى كثيرة توضح ان ملك المسيح ملك روحى يتحقق بموته و قيامته .
لكن ما نريد مناقشته فى هذه النبذة ، هو بعض الأيات التى يستند إليها اخوتنا البروتستانت فى منادتهم بأن الخلاص هو بالإيمان فقط و أمثلة ذلك اولاً : قول بولس و سيلا لسجان فيلبى " أمن بالرب يسوع فتخلص أنت و أهل بيتك " لكننا لو قرأنا الإصحاح و المناسبة التى قيلت فيها نفهم أنها قيلت لإنسان غير مؤمن لا خلاص له بدون الإيمان بالمسيح ، فأيمانه هو الخطوة الأولى على طريق الخلاص فإذا أمن أرشده الرسولان للخطوات التالية و أولها المعمودية و لو كان كلامهم صحيحاًَ ، لما كان إيمانه يخلص اهل بيته ، لكن المعنى هو أنه إذا أمن يقود أهل بيته إلى الإيمان ، و لذلك نجد سفر الأعمال يقول عنه " و كلماه و جميع من فى بيته بكلمة الرب .... و اعتمد فى الحال هو و الذين له أجمعون " ( أع 16 : 25 – 34 ) ثانياً: و يقولون ان الخلاص بالإيمان و ليس بالأعمال و يسوقون لذلك أيات نناقش بعضها
أ – " فأذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله " ( رو 5 : 11 ) ، و نحن اذا وضعنا بجوار هذه الأية أيات أخرى مثل " لأن ليس الذين يسمعون الناموس أبرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون " ( رو 2 : 13 ) ، " ترون إذاً أنه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده " ( يع 2 : 24 – 25 ) ، نستطيع أن نفهم أن الإيمان هو خطوه أولى ، لكن الإيمان بدون أعمال ميت و لا يخلص
ب – " و أما الذى لا يعمل و لكن يؤمن بالذى يبرر الفاجر فأيمانه يحسب له براً " ( رو 4 : 5 ) و أول ملاحظة توضح خطأ فهمهم ، هى السؤال هل يتبرر الفاجر دون أن يترك فجوره حتى لو أمن المسيح ؟؟!! بالطبع لا ، هكذا يعلمنا الكتاب " أنبقى فى الخطية لكي تكثر النعمة . حاشا " ( رو 6 : 1 – 2 ) إذن فلابد أن يترك الفاجر شروره و يحيا بالوصية " و إن علمتم أنه بار فأعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه " ( 1يو 2 : 29 )
جـ - إذا ليس شىء من الدينونة الأن على الذين هم فى المسيح ... و يغفلون باقى الأية و هو السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح " ( رو 8 : 1 )
د – " لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان و ذلك ليس منكم هو عطية الله ليس من أعمال كى لا يفتخر أحد " ( أف 2 : 9 ) و يغفلون أيات كثيرة كتبت من رسالة رومية و باقى أسفار العهد القديم راجع ( رومية 4 ، 7 ، 8 و باقى الرسالة ) ، توضح أن الأعمال المشار إليها أنها لا تخلص الإنسان بدون إيمانه ، هى أعمال الناموس القديم ، و كل الأعمال الصالحة مهما عظمت ، لا تخلص بدون الإيمان بتجسد المسيح و فدائه ، و أن الفداء و الخلاص الذى قدمه الرب يسوع فوق إستحقاق أى إنسان مهما عظمت أعماله الصالحة ، بل هو عطية الله.
ثم نقول لهم ما رأيكم فى الأيات الكثيرة التى تتكلم عن الخلاص بالأعمال ؟ منها مثلاً " أن أردت أن تدخل الحياة فأحفظ الوصايا " ( مت 19 : 17 ) " و نحن نعلم أننا إنتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الأخوة " ( 1يو 3 : 14 ) " ترون إذن أنه بالأعمال يتبرر الإنسان لا بالإيمان وحده " ( يع 2 : 24 )
نخلص منن هذا أننا لو أردنا أن نصل لمفهموم صحيح للإيمان فينبغى أن نقابل الايات بعضها ببعض و سوف نصل إلى أن الإيمان الذى يخلص هو الإيمان الذى تعقبه الخطوات التالية اللازمة للخلاص مثل المعمودية و الميرون و سر التوبة و الإعتراف و سر التناول ثم ضروره أن يكون هذا الإيمان مثمراً عاملاً بالمحبة و كما يقول قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث " نحن لا نخلص بسبب الأعمال لأن الخلاص هو بدم المسيح لكننا أيضاًَ لا نخلص بدونها " فالأعمال الصالحة لازمة للخلاص