علاقتنا بالقديسين
إكرامهم وشفاعتهم
+ لستم إذاً بعد غرباء ونزلاً بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله (أف2: 19)
+ بل قد أتيتم إلى ... ربوات هم: محفل ملائكة وكنيسة أبكار ... وأرواح أبرار مكملين
(عب 12: 22ـ24)
+ أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب، ليس الله إله أموات بل إله أحياء
(مت22: 32)
مقدمة: الفصل الأول: من هم القديسون؟ الفصل الثاني: علاقتنا بهم أن نحبهم، لماذا؟ الفصل الثالث: وأن نكرمهم، لماذا؟ الفصل الرابع: نقتدي بهم، لماذا؟ الفصل الخامس: وأن نتشفع بهم، لماذا؟. الفصل السادس: اعتراضات والرد عليها. الخاتمة:
يعترض البعض على إكرامنا للقديسين الذين رحلوا من عالمنا. كما يعترضون على تشفعنا بهم. وقد يصل بهم الأمر في اعتراضاتهم إلى حد اتهامنا بأننا نعبد هؤلاء القديسين، وأننا قد تركنا المسيح الشفيع الوحيد، وحفرنا لأنفسنا آباراً مشققة لا تضبط ماء، ويقصدون بالآبار المشققة هؤلاء القديسين!! من أجل هذا كتبت هذا الكتيب البسيط لإيضاح علاقتنا بالقديسين، وركزت بالدرجة الأولى على إبراز الحقائق الكتابية بهذا الخصوص، حتى يدرك كل إنسان صحة إيماننا، وسلامة عقيدتنا، بل وأهم من ذلك، أن لا يسيء الإنسان إلى المسيح بالإساءة إلى أعضاء جسده (أي القديسين)، الذين سبق فعرفهم، ودعاهم، وبررهم، ومجدهم أيضا (رو8: 29و30). الله يجعل هذا الكتيب بركة لمن يقرأه، بصلوات حضرة صاحب القداسة البابا المكرم الأنبا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر. القمص زكريا بطرس
الفصل الأول
من هم القديسون؟
يرجع هذا الاسم (القديسون) إلى القداسة. والقداسة لها معنيان:
أولا: قداسة مكتسبة من المسيح:
ومعنى كلمة مكتسبة، أي لا فضل للإنسان فيها، وإنما قد اكتسبها من المسيح كعطية تهبها له نعمة الله المتفاضلة. وعن ذلك يقول معلمنا بولس الرسول: ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة وفداء (1كو1: 30). فالسيد المسيح صار لكل من يؤمن به ويقبله مصدر حكمته وبره وقداسته. وطبقا لهذا المعنى فجميع المؤمنين الذين على الأرض الذين نالوا نعمة القداسة المكتسبة، يسموا [بأعضاء الكنيسة المجاهدة]، هؤلاء الذين قيل عنهم القديسون الذين في الأرض والأفاضل كل مسرتي بهم (مز16: 3) والقديسون هنا بمعنى المؤمنين المفرزين أو المخصصين أو المكرسين للرب.
ثانيا: وهناك القداسة العملية:
التي يحياها المؤمن في حياته اليومية حسبما وضح معلمنا بولس الرسول قائلا: فإذ لنا هذه المواعيد أيها الأحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله (2كو7: 1). وهذا هو عين ما ذكره معلمنا بطرس الرسول بقوله: بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنت أيضا قديسين في كل سيرة (1بط1: 15) وبحسب هذا المعنى فعلى المؤمنين أن يعيشوا في جهاد مقدس وفي تقوى وطهارة ليكملوا القداسة في خوف الله. هذا هو جهاد الإيمان الحسن الذي قال عنه معلمنا بولس الرسول: جاهد جهاد الإيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية (1تي6: 12) لهذا فالمؤمنون الذين كمل جهادهم في حياة القداسة العملية، ورحلوا إلى فردوس النعيم هم قديسون منتصرون، وهؤلاء هم من يسموا [بأعضاء الكنيسة المنتصرة] الذين سوف يحضرهم الرب معه في مجيئه الثاني كقول الكتاب: لكي يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة أمام الله أبينا في مجيء ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه (1تس 3: 13) لعلنا قد أدركنا المعنى المقصود من (القديسين) فهم المؤمنون الذين نالوا من الرب نعمة القداسة أي صار الرب يسوع المسيح هو قداستهم، وهم الذين يعيشون في حياة القداسة العملية اليومية بقوة ومعونة وفعل الروح القدس العامل فيهم. ولعلنا أيضا قد أدركنا أن القديسين كمؤمنين منهم من لايزال يعيش في الجسد في هذا العالم (المجاهدين) ومنهم من قد رحل إلى فردوس النعيم، (المنتصرين).