شبكــــــــــــــــــــــــــة ابانــــــــــــــــــوب المنـــــــــــــــــــــــــــــــــدره
الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس 417168
مرحبا بكم فى شبكة ابانوب المندره
لا نريدك زائر بل صاحب مكان

سجل الان

الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس 144497

شبكــــــــــــــــــــــــــة ابانــــــــــــــــــوب المنـــــــــــــــــــــــــــــــــدره
الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس 417168
مرحبا بكم فى شبكة ابانوب المندره
لا نريدك زائر بل صاحب مكان

سجل الان

الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس 144497

شبكــــــــــــــــــــــــــة ابانــــــــــــــــــوب المنـــــــــــــــــــــــــــــــــدره
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


شبكــــــــــــــــــــــــــــة ابانــــــــــــــــــوب المنـــــــــــــــــــــــــــــــــدره
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
admin
Admin
Admin
admin


الابراج الابراج : السرطان عدد المساهمات : 7115
نقاط : 20222
السٌّمعَة : 27
تاريخ التسجيل : 21/08/2009
العمر : 49
الموقع : admin

الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس Empty
مُساهمةموضوع: الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس   الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس Emptyالجمعة 25 يونيو - 10:10


ا
لمقدّمة:


لو ألقينا نظرة إلى أعماق قلب الإنسان لاكتشفنا مدى توقه إلى المصالحة مع ذاته، مع القريب ومع الله. والكتاب المقدّس
يحدّثنا عن روايات كثيرة حول هذا الموضوع من خلال سفر التكوين في العهد
القديم، إذ تبدو لنا المصالحة والأُخُوّة لا تُنال إلاّ بعد المرور بمسيرة
طويلة وشاقّة للوصول إلى الغاية المنشودة.


كان تصميمي في الأساس القيام ببحث يشمل كلّ قصص المصالحة في السفر
المذكور، إلاّ أنّ ذلك يتطلّب صفحات كثيرة ممّا هو غير مطلوب. فسفر
التكوين يتحدّث عن قصص عدّة منها خمسة تخصّ كلّ من: قاين وهابيل، أبناء
نوح، إبراهيم، يعقوب وعيسو، وأخيراً يوسف وإخوته. هذه القصص التي تحتوي
القتل والعنف بين الإخوة، كما فيها اللقاء والمصالحة.


وقد اخترت من بينها قصّة يوسف وإخوته، والخلافات التي دارت بينهم ومخطّط
الشرّ الذي عمِل في قلوب إخوة يوسف حتّى أغواهم حقدهم بسبب أمورٍ تافهة
أوصلتهم إلى بيعه... فمن خلال هذه القصّة سأحاول كشف معنى الأُخُوّة
الصحيحة التي على كلّ إنسان أن يعيشها مع نفسه ومع الآخرين من خلال محبّته
لله وإيمانه به. مع يوسف نجد أنفسنا مدعوّين إلى التعرُّف على شخصيّة
مميّزة، هو الأخ بكلّ معنى الكلمة، فمن خلاله أعدّ الله تعليماً وطريقاً
للأُخُوّةٍ والمصالحة.


1- حسد وعنف


منذ البداية، يمتاز يوسف عن إخوته، بثوبه وأحلامه, لذلك يحاول الإخوة قتل
أخاهم رمزيّاً "رجل الأحلام" وادّعوا أنّه مات عندما لطّخوا ثوبه بدم تيس
من المعز (تك 37/31). ماذا حصل إذن لكي يستسلم هؤلاء الإخوة إلى مثل هذا
العنف مع أخيهم؟
تجريد الإنسان من ثيابه هو المساس بشخصيّته في صميمها، وذلك أيضاً تعبير
عن مقدار الحبّ الذي يكنّه الإخوة لأخيهم. لقد وقعوا في فخّ الغيرة منه
عندما أعطاه أبوه ذلك الثوب الموشّى وهي علامة عطف الأب على ابنه وتمييزه
له (تك37/3). إذن، عندما جرّد هؤلاء الإخوة أخاهم من ثوبه فهم بذلك يمسّون
قلب الأب. وقد فسّر الإخوة حبّ أبيهم ليوسف على أنّه تمييز له، وشعروا
بالغيرة، ولم يتحمّلوا هذا الحبّ الذي دفعهم إلى التمرّد. وقد مرّ هؤلاء
الإخوة بمراحل من الحقد اجتاج قلوبهم جميعاً. هذا الحقد قد ظهر عندما بدأ
نسيج السلام بينهم يتمزّق ممّا جعلهم لا يستطيعون التحدُّث بسلام معه
(تك37/4).


كان يمكن لنيران هذا الحقد أن تخمد، إلا أن ليوسف أحلام وتفسير هذه
الأحلام يجعله مميّزاً في وسط العائلة، لذلك يزداد وتمتدّ نيرانه لتحرق
أعماق القلب والنفس. فهل لهذه الأحلام مصدرها؟ هل يكشفان عن رغبة يوسف في
السيطرة على إخوته؟ أم هما وحي من الله؟ (تك37/7-9).
رأى الإخوة في هذه الأحلام ما يهدّدهم الآن وفي المستقبل، لذلك يزداد
حقدهم وبغضهم له، لأن في الأحلام بوادر سلطة، وإسم يوسف في العبريّة
"يزيد" من فعل "زاد". وما يزيد هنا هو الحقد نتيجة هذه الأحلام.


فمنذ بداية قصّة يوسف وإخوته تُطرح مسألة السلطة، وهي قديمة قِدم العالم
في العلاقات البشريّة. هل كلّ سلطة هي تسلّط وابتزاز؟ لا بدّ من طرح مثل
هذه الأسئلة منذ بداية كلّ صراع على السلطة إلى أن تظهر هذه السلطة في
أبعادها الحقيقيّة، أمّا الأب يعقوب، فلم يكُن موقفه موقف الإخوة نفسه مع
أنه ينتهر يوسف على هذه الإدّعاءات، ولكنّه لم يغلق قلبه ونفسه ولم يستسلم
للحسد إنّما كان يحفظ في قلبه هذا الكلام (تك37/10-11).


وهكذا ولكي يرتاح الإخوة من أخيهم الأصغر ومن هذه الإدّعاءات كلّها،
يحاولون التخلُّص منه عندما ذهب، بطلب من أبيه، ليفتقدهم في الحقول حيث
كانوا يرعون المواشي (تك37/14).


نعلم أنّ السلام قد تهدّم بين الإخوة، لذلك نرى في الطريق أن يوسف لم
يستطع إيجاد إخوته مع أنّه يلتقي مجهولاً ويسأله (تك37/16)، والسبب ليس
الصعوبة في إيجاد مكان إقامتهم، بل عدم إمكانيّة لقاء إخوة، لقاء رجال
يعيشون الأخوّة بكلّ معنى الكلمة. لقد تآمروا عليه ليقتلوه عندما رأوه
قادماً من بعيد (تك37/18-20)، فهو لم يعُد أخاهم بل صاحب الأحلام، إلاّ
أنّ أحد الإخوة "رأوبين" أراد أن يعيده إلى أبيه (تك37/22).


وعندما اقترب يوسف، نزعوا عنه ثوبه الموشّى وطرحوه في البئر (تك37/22-24)،
وجلسوا يأكلون وكأنّ شيئاً لم يكن وفي ذلك دليل لقلّة الحياء والوقاحة.
ومع مرور قافلة الإسماعيليّين يقدّم يهوذا حلاًّ آخر وهو بيع أخيه لكي لا
يقتلوه وكأنّه بذلك يبرّر تصرُّفاً شرّيراً سبق وصمّم له الإخوة وخطّطوا
لتحقيقه (تك37/26-27) وتتمّ الصفقة (تك37/28).


بعد اختفاء يوسف، شخصيّتان فقط تُظهران حزناً شديداً، رأوبين أحد الإخوة
والأب يعقوب، وقد مزّق رأوبين ثيابه علامة "حزنه" (تك 37/29-30). وبعد أن
ذبحوا التيس وغمسوا قميص يوسف، رجعوا إلى بيتهم وقالوا لأبيه أن يوسف
افتُرس افتراساً (تك37/33)، وبدوره يمزّق يعقوب ثيابه حزناً على ابنه
(تك37/34). وإلى أن يعلم في آخر القصّة أن يوسف حيٌّ باقٍ، يلبس يعقوب
الحزن ويأبى أن يتعزّى، فالحالة الجديدة قد أسفرت عن شخصيّات ممزّقة:
يعقوب، رأوبين ويوسف أيضاً. فهل بقي الإخوة العشرة من دون جراح؟


2- أهواء امرأة وضمير مستقيم


كما رأينا أعلاه أن يوسف بيع إلى المصريّين، فإنّه هناك ايضاً قد بيع
لفوطيفار خصيّ فرعون ورئيس الحرس، وأُنزل إلى السجن كما أُنزل إلى البئر.
وقد رأى سيّده المصريّ "أنّ الربّ معه..." (تك39/3). وتميّز يوسف بامانته
لسيّده، فكان يقيم في بيت ذلك السيّد (تك39/2). "وكان الربّ مع يوسف"، هذا
يعني بتعبير آخر ان الله أحبّه، واختاره، ووضع ثقته فيه، لقد قاد هذا
الحبّ يوسف إلى أعماق البئر وإلى العبوديّة، إلاّ أنّه هو نفسه سوف يكون
قوّة الخلاص للإخوة وللمصريّين كما هي الحال في بيت فوطيفار المصريّ. وقد
تحوّل يوسف إلى مصدر بركة للمصريّين (تك39/5).


ولكنّ يوسف يقع مرّة أخرى فريسة الإنسان المستسلم لشتّى الغرائز، فأرادت
زوجة السيّد أن تُغويه ولكنّه رفض (تك39/7-10). ويُطعن يوسف في الصميم،
ويُتّهم زوراً باستعمال ثيابه مرّة أخرى وهذه المرّة لاتّهامه بالتعدّي
على المرأة، وكأنّ المحن تنزل عليه، بسبب خيانة امرأة وكذبها، لكي تُظهر
معدن هذا الرجل وبتعبير آخر لكي تظهر فيه حكمة الله وحبّه. وبذلك تتحوّل
البركة التي ملأت بيت المصريّ إلى لعنة، ويُسجن يوسف (تك39/19-20)، ومرّة
أخرى يفقد حرّيّته، وفي وسط العبوديّة والإتّهام والسجن وعبر قوى الموت
التي تُحيط به "كان الرب معه" (تك39/23)، فكان سيّداً مؤتمناً على البيت
الذي هو السجن، وهناك في ذلك السجن راح يفسّر أحلام رؤساء فرعون أوّلاً
ومن ثمّ احلام فرعون نفسه.


"وفي كِلا الحالتين نكتشف كيف أنّ "صاحب الأحلام" هو مفسِّر حكيم للواقع
ويكتشف عبر الموت طريقاً نحو حياة جديدة، وذلك "لأنّ الربّ كان معه" (تك40
و41).


3 - ألتحرُّر من الحسد


في مصر عاش يوسف حياة صعبة حيث الخيانة والبُغض ولكنّه يبقى "رجل الأحلام"
وبذلك استطاع الدخول إلى بلاط فرعون واستطاع أن يجد الطعام لأرض مصر بفضل
حكمته التي أُعطيت له من الله. حاول فرعون كثيراً أن يجد تفسيرات لأحلامه،
ولكنّه فشل، وما استطاع أحد أن يفسّرها سوى يوسف (تك41/1-8). ويستدعي
فرعون يوسف ليفسّر له أحلامه، فيفسّرها له قائلاً له أن الله هو الذي يكشف
من خلال الحلم ما هو صانعه (تك41/25-30).


وبذلك يعود يوسف ليصبح مؤتمناً على بيت سيّد مصر الفرعون وينظّم زمن
المجاعة، فلا أحد يضاهي حكمته وتدبيره، ويُعطيه فرعون سلطاناً على بيته
وإلى كلمته ينقاد الشعب كلّه، ولا يكون فرعون نفسه أعظم منه إلاّ بالعرش
(تك41/39-40).


وهكذا عندما عمّت المجاعة أطراف الأرض، توافدت الشعوب إلى أرض مصر لتشتري
حَبّاً من يوسف. ومن بينهم إخوة يوسف الذين أتوا من أرض كنعان (تك41/57 و
42/3). واستبقى يعقوب ابنه الأصغر بنيامين معه لأنّه كان خائفاً عليه
(تك42/4). لِمَ الخوف على بنيامين؟ هل بنيامين هو وحده أخو يوسف؟ ألا يشمل
الخطر الإخوة الآخرون أيضاً؟ كان يعقوب يفضّل زوجته راحيل على ليئة ويوسف
وبنيامين هما ابنا راحيل وهو لا يريد أن تتكرّر مأساة يوسف مع بنيامين.
"سنوات طويلة من الصمت والتفكير! إلاّ أنّ يعقوب لم ينسَ شيئاً ومازال
الجرح ينزف في أعماق القلب". ويصل الإخوة إلى مصر ومنذ وصولهم راحوا
يسجدون لهذه الشخصيّة المصريّة المرموقة باستمرار (تك42/6). هكذا بدأت
تتحقّق أحلام يوسف الأولى حينما كان بعد لا يزال في بيت أبيه شابّاً
يافعاً، تلك الأحلام التي ملأت قلوب إخوته بالحقد (تك37/19)، ذاك الذي
حاولوا التخلُّص منه وهو الآن يؤمِّن لهم الطعام لكي لا يهلكوا جوعاً.


والمذهل في هذه المرحلة من القصّة أنّه هو عرفهم،
أمّا هم فلم يعرفوا فيه إلاّ تلك الشخصيّة العظيمة المُسلَّطة والتي بها
ارتبط مصيرهم، ويوسف اعتمد التستُّر (تك42/7-8). لماذا اختار يوسف هذا
الموقف؟ هل يريد الإنتقام من إخوته؟ والغريب في الأمر أنّه يتّهمهم
بالتجسُّس على البلاد (تك42/9). ويحاولون تبرئة ذواتهم (تك42/11). يحتال
يوسف على إخوته لكي يتحدّثوا أكثر عن واقعهم، هذه الحيلة التي لا تهدف إلى
الانتقام بل هدفها الشفاء من خلال الصدق في الكلام والهدف الأكبر المصالحة
معهم ومصالحتهم مع ذواتهم. ويكرّر الإتّهامات، فراحوا يتكلّمون بضمير
المتكلّم الجمع ويذكرون الغائبين من بينهم فالأخُوّة تحرّكت فيهم...
(تك42/13).
وعندما يعلم بوجود أخ أصغر يُطالب بقدومه إليه. ويضعهم في السجن ليفكّروا،
وهناك يؤنّبهم ضميرهم (تك42/21). ويذكّرهم رأوبين بموقفه (تك42/22)، ويسمع
يوسف الحديث الذي يدور بينهم ويتظاهر بعدم الفهم لأنّه مصريّ فيبتعد ويبكي
من التأثُّر (تك42/23-24) ثمّ يتّخذ القرار ببقاء واحد منهم رهينة في مصر
(تك42/24).


ويعود الإخوة إلى أرضهم ويخبرون أباهم بكلّ ما جرى ويذكرون له أنّ ذاك
السيّد طلب رؤية بنيامين (تك42/34)، فيعود يعقوب بالذاكرة إلى آلآمه التي
تحرق قلبه جرّاء بُعد اثنين من أبناءه والمطالبة بالثالث الأصغر
(تك42/36). وهنا يقدّم رأوبين ذاته بدلاً عن أخيه في حال جرى له أيّ سوء
(تك42/37).


وهنا لا بدّ من السؤال: هل تعلّم الإخوة التحرُّر من الحسد، الحسد من
بنيامين، كما حسدوا في الماضي يوسف؟ وإن نزل معهم إلى مصر، هل سيُعيدونه
إلى أبيه سالماً؟

4- المصالحة أم الإنتقام:


بعد كلّ ذلك تبدأ مسيرة الشفاء واللقاء.
ويلقي يعقوب اللوم على أبناءه، لِمَ أتوا على ذكر بنيامين أخيهم أمام هذا
الغريب (تك43/6) فهم لا يستطيعون الذهاب إلى مصر لأخذ الطعام من دون
بنيامين، ذاك هو شرط السيّد. وأمام كلّ التبريرات (تك43/7)، يضطرّ يعقوب
إلى الموافقة مع ثقته بأنّ الله سيحرّك قلب ذاك السيّد (تك43/14)، ألله
سيسكب الرحمة، والذي يرحم هو من تتحرّك أحشاؤه وهو من يتأثّر بقوّة الحبّ،
وهذا ما سيجري بين هؤلاء الإخوة.


في مصر يدعوهم يوسف لتناول الطعام معه، ويطمئنّ يوسف عن سلامتهم وسلامة
والدهم (تك43/27). ويستفسر عن الشخص الجديد في الجماعة (تك43/29). فيبتعد
ويبكي لرؤيته بنيامين، هذا ما يجعلنا ندرك كم في قلبه من الحنان والرأفة
والعطف (تك43/30) ويُقدَّم الطعام وكانت لبنيامين الحصّة الأكبر
(تك43/34). "لِمَ هذا الإمتياز المُعطى لبنيامين؟ لا شكَّ أنّه في سبيل
إيقاظ حسد الإخوة ولكن لأيّ هدف؟ لقد حسدوا يوسف في الماضي حتّى
الكراهيّة، وحتّى تدبير طريقة في قتله، فكيف ستكون ردّة فعلهم تجاه تفضيل
هذا الغريب لبنيامين؟ فما يريده يوسف هو امتحان شعورهم تجاه بنيامين، فهل
سيتخلّصون من أخيهم الأصغر في أوّل مناسبة سانحة؟ ستظهر هذه المناسبة
بسرعة، وهو يوسف الذي سيكون من ورائها."


يقوم يوسف بنصب فخّ لإخوته ليمتحنهم: "هل سيتصرّفون بروح أخويّة مع
بنيامين عندما يصبح رهينة في يديّ يوسف؟" يأمر يوسف قيِّم بيته بأن يضع
كأسه الخاصّ في كيس بنيامين (تك44/1-2).


وفي الغد إستعداد للمغادرة، وما أن يبدأ المسير حتّى يلاحقهم قيِّم يوسف
والإتّهامات كثيرة: سرقة، نكران جميل، ومكافأة الخير بالشرّ، ويبدأ
التفتيش (تك44/4-5) من الأكبر إلى الأصغر وكانت المفاجأة (تك44/12). أمام
هذا الألم الكبير يمزّقون ثيابهم ولكنّهم يبقوا متضامنين ويعودوا معاً إلى
بيت يوسف ليحاولوا شرح ما حصل. ويقرّر يوسف الإحتفاظ ببنيامين كعبد له
لأنّ الكأس وُجدت في كيسه والباقون يستطيعون الذهاب بسلام (تك44/17). كيف
العودة بسلام وبنيامين ليس معهم؟ في هذه المرحلة بالذّات نكتشف أنّ حُبّ
أبيهم هو الذي سيجمعهم ويوحّدهم، وسيجعلهم يتجاوزون الحسد والمنافسة.
فيقدّم يهوذا حياته بدلاً عن أخيه، ليُجنّب أبيه الألم مرّة أخرى
(تك44/20)، إن فُصل الإبن الأصغر عن أبيه قد يموت الأب من شدّة الحزن
(تك44/30-31).


وفي كلمة يهوذا ذكر لكلمة "أب" 14 مرّة وبذلك نستنتج إنقلاب الموازين، فلم
يعُد الأخ هو الذي يبيع أخاه عبداً ولكن يتحوّل الأخ عبداً بدل أخيه، "لقد
انتصرَت الأُخُوّة". ومع تسارُع الأحداث ووصولها إلى قمّتها، لم يعُد
ليوسف سوى أن يكشف عن نفسه وعن هويّته أمام إخوته (تك45/2). ولا يكتفي
يوسف بالتعريف عن نفسه، بل يدعو إخوته إلى نسيان الماضي وترك عقدة الذّنب
التي تكبّلهم. يوسف لم ينسَ ذلك الشرّ الذي أوقعوه به ولكن الله أكبر من
كلّ شيء، وهو الذي سمح بذهاب يوسف إلى مصر ليُساهم في خلاص إخوته وكلّ
الناس (تك45/4-5). "إنّ الله يخلق خلقاً جديداً بالمصالحة. هذا ما يريد أن
يقوله لنا سفر التكوين في خاتمته. فبعد أن جعلنا نتتبّع مسيرة الإخوة
الصعبة في طُرُقِها المتعرِّجة وأحياناً المسدودة، يوصلنا إلى موقف رجاء".
هذا الموقف الذي وصل إليه يوسف، سيحتاج الإخوة إلى مسيرة طويلة لكي يصلوا
إليه بدورهم، فهم، مع موت أبيهم ظنّوا أنّ أخاهم يوسف سيعود وينتقم منهم.
فهل سامحهم حقيقةً؟ ألَم يؤجّل انتقامه إلى ما بعد وفاة أبيه؟ (تك50/15).
ولكنّه يُبعد عنهم هذا التفكير بقوله لهم: "لا تخافوا. ألعلّي أنا مكان
الله؟ أنتم نويتم عليَّ شرّاً، والله نوى به خيراً، لكي يصنع ما ترونه
اليوم ليهب الحياة لشعبٍ كثير. والآن لا تخافوا: أنا أعولكم أنتم وعيالكم،
وعزّاهم وخاطب قلوبهم" (تك50/19-20)، فأصبح المعزّي لإخوته برحمته وحنانه
وعطفه.



الخاتمة:


يوسف هو الإنسان الذي استطاع أن يشفي إخوته من الحقد الذي كان يُعمي
عيونهم وقلوبهم. بقلبه المنفتح على عمل الربّ فيه وبحكمته يجعل نفسه،
بقوّة الربّ، قدوة يعلّم كلّ واحد منّا كيف يتصالح مع ذاته ومع الآخر. هو
الأخ الحاضر بكلّيّته مع إخوته رغم كلّ ما فعلوا به. هذا الصبر الذي امتاز
به فتح أمامه وأمام إخوته طريق الحياة.


نلاحظ في سفر التكوين وخاصّة في فصوله الأولى أنّ هناك ترداد مستمرّ لقول
مهمّ "ورأى الله أنّ ذلك حسنٌ جدّاً"، "ورأى الله جميع ما صنعه فإذا هو
حسنٌ جدّاً". وفي نهاية السفر أيضاً نجدها تتكرّر وتزيد عليها قصّة الإخوة
والمصالحة
أمراً مهمّاً للغاية وهو أنّ الله يقدر أن يخلق الإنسان خلقاً جديداً،
حتّى بعد انغماس هذا الإنسان بالشرّ، لكنّ الخير ينتصر إذا أردنا ذلك،
ولكن هذا الأمر يبقى مرتبطاً بإرادة كلّ إنسان إذا أراد هو أن يترك مجالاً
لعمل الخير في حياته وطغيان الرحمة في أحشائه.


أسألك أللهمّ أن تهب الإنسان قوّة التمييز ليستطيع عيش الرحمة والغفران في
حياته. إهدِنا لكي نعيش معك مثل يوسف طريق الأُخُوّة والمصالحة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elnehesy.yoo7.com
 
الصراعات الأخويّة والمصالحة في الكتاب المقدّس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبكــــــــــــــــــــــــــة ابانــــــــــــــــــوب المنـــــــــــــــــــــــــــــــــدره :: الروحيات :: قسم الموضوعات الروحيه-
انتقل الى: