الأرشيدياكون حبيب جرجس
إن كان بابا الإسكندرية الحالي, الأنبا شنودة الثالث، وكثير من الأساقفة والكهنة والشمامسة من خدام التربية الكنسية، فالكل يشعر بأن الفضل يعود إلى الأرشيدياكون حبيب جرجس الذي أنشأ مدارس الأحد في كل القطر. وقد حكى أحد الخدام انه كان تلميذًا في اجتماع للشباب يقوده المتنيح حبيب جرجس، وكانوا ثائرين ضد رجال الكهنوت. أما هو فقال لهم إن الإصلاح الكنسي لا يقوم على الهجوم أو النقد اللاذع للقيادات الكنسية، وإنما بالعمل الجاد مع الأطفال والفتيان والشباب، إذ يصيرون أعضاء الكنيسة في المستقبل، ومنهم من يتسلم القيادات الكنسية.
نشأته:
ولد سنة 1876م وصار أشهر واعظ في جيله بعد القمص فيلوثيؤس إبراهيم، وكان في وعظه جهوري الصوت، قويًا، غزير المعلومات، يؤثر في سامعيه. قام بإنشاء جمعيات خيرية جديدة، كما قام بتشجيع الجمعيات القائمة وأنشأ جمعيات أخرى للوعظ.
المعلم الأول:
مر وقت كان فيه حبيب جرجس هو المعلم الأول حتى أخرج للكنيسة جيلاً من المعلمين. وشمل عمله في التعليم الكلية الإكليريكية ومنابر الكنائس والجمعيات، كما علَّم بقلمه من خلال الكتب التي ألفها. وتعتبر مدارس التربية الكنسية من أهم ميادينه في التعليم.
كتاباته:
أصدر حبيب جرجس مجلة الكرمة. كما أصدر أكثر من ثلاثين كتابًا في شتى العلوم الدينية: في الروحيات والعقيدة والتاريخ والإصلاح الكنسي. أصدر أيضًا كتبًا في الترانيم وفي الشعر.
مؤسس مدارس الأحد:
أنشأ مدارس الأحد سنة 1918 لتعويض النقص الذي يعانيه الطلبة الأقباط في دراسة مادة الدين في المدارس الأميرية وبعض المدارس الأهلية. فإنه وإن كان قد نجح مرقس بك مليكة في تقرير دراسة الدين المسيحي في المدارس الأميرية سنة 1908 لكن عدم وجود أساتذة متخصصين واعتبار مادة الدين إضافية أدى إلى إهمال تدريسه. حددت اللجنة العليا لمدارس الأحد هدفها الذي تركز في خلق جيلٍ محبٍ للكتاب المقدس والحياة الكنسية والسلوك المسيحي بروح وطني، مع الاهتمام بالرحلات الدينية والخلوات الروحية. تقدمت مدارس الأحد بسرعةٍ فائقةٍ، فصار لها في سنة 1935: 20 فرعًا بالقاهرة، 18 بالوجه البحري، 44 بالوجه القبلي، 30 بالسودان.
في عهد المتنيح البابا كيرلس السادس سيم نيافة الأنبا شنودة أول أسقف على المعاهد الدينية والتربية الكنسية، وباختياره بابا للإسكندرية بقي أيضًا مسؤولاً عن هذه الأسقفية.
المؤسس الحقيقي للإكليريكية:
يعتبر حبيب جرجس المؤسس الحقيقي للإكليريكية في عصرها الحاضر، فهو الذي اشترى لها الأرض وأسس لها المباني في مهمشة، وأعد القسم الداخلي لمبيت الطلبة. أنشأ الإكليركية في 29 نوفمبر 1893 والتحق بها, وصار الواعظ الأول ومدرس اللاهوت بالكلية في الربع الأول من القرن العشرين. وتسلم نظارتها سنة 1918 إلى نياحته سنة 1951. وأنشأ كذلك القسم الليلي الجامعي سنة 1946م. وكان أول أستاذ لعلم اللاهوت في الكلية الإكليريكية، وتولى تدريس زملائه وهو طالب.
ترشيحه للمطرانية:
اختير عضوًا للمجلس الملّي العام، ورُشِّح مطرانًا للجيزة سنة 1948م ولكن لم يقبل البابا يوساب رسامته لأنه لم يكن راهبًا، وكانت نياحته سنة 1951م.