عندما نتحدث عن أساس العقيدة المسيحية نقصد ب^ذلك الركائز التي بنيت عليها تلك
العقيدة، وجذور ذلك الإيمان وأصوله والمنبع الذي يرتوي منه المؤمن المسيحي.
الإيمان المسيحي مبني ومؤسّس على كلمة الله الواردة في الكتاب المقدّس (التوراة
والانجيل). فالكتاب المقدّس هو الدستور الذي تعتمده كنيسة المسيح، لأنّه هو المرشد في
التعليم المسيحي. فهو بمثابة مشعل يستنير به المؤمن في حياته اليومية. ويمكننا أن
نشبّهه بالغذاء الروحي الذي ينعش حياة المؤمن. إنّه رسالة الله وإعلانه للبشرية جميعاً،
لذا فهو المصدر الذي تنبثق منه العقيدة المسيحية. وكل تعليم يخالفه يعتبر مرفوضاً عند
أهل الإيمان بالمسيح.
في قانون إيمان الرسل نجد ملخصا للعقيدة المسيحية، وهذا القانون مستخرج من الكتاب
المقدّس. وقد وُضع تسهيلاً للمؤمنين الجدد لحفظه ومعرفته، والعمل بموجبه والامتثال
لأوامره ونواهيه. وحفظ هذا القانون لا يمنع المؤمن من أن يدرس الكتاب المقدّس بنفسه
ويغوص في أعماقه ليكتشف الحق اللؤلؤي المدّخر فيه. إنّ الكتاب المقدّس كنز لا
يُستغنى عنه بأي حال من الأحوال. فكل تفسير وكل توضيح لا يغنينا عن قراءة هذا
الكتاب النفيس. فعلى كل طالب وباحث أن يغوص في علوم هذا الكتاب الفريد الذي
يحمل بين طياته كنزاً لكل البشر، فهو ليس بالكتاب الذي نفتخر ببليغ عبارته وجمال
أسلوبه وفصيح كلماته، بل هو كالبوصلة لكل امرئ تائه في ديجور العالم المغطى
بالرذيلة والفواحش. هو لكل طالب وجه الله والعمل بأمره، وهو يخص جميع الناس
كيفما كانت أوضاعهم ومراكزهم الاجتماعية. فهو للفلاح البسيط، وللعالم المتعلّم،
للأبيض والأسود، للعربي والأعجمي. صحيح أنّه أُوحي به إلى أنبياء ورسل في الشرق
العربي، لكنّه يعالج مشكلة الإنسانية كلها. لذا فهو كتاب كل الشعوب والأصقاع. هو
رفيق الإنسان في كل زمان ومكان. فهو كالشمس التي تنير الكون بأسره بأشعة نورها.
فلنتأمل قليلاً في هذا القانون أو الدستور بالمقارنة بما جاء في الكتاب المقدّس.