إنها ليلة الميلاد .. نظرت جوزفين إلي أصغر ولد لديها والدموع التي كانت تلازمها
طوال العشرة أيام السابقة قد ذادت حدتها الان ..
حاولت جوزفين أن لا تظهر دموعها أمام أولادها الخمسة ..فوقفت واتجهت الي تلك
الشجرة التي تأخذ جنبا كبيرا من مدخل شقتها الصغيرة . لم تكن الشجرة مضيئة بعد ..
وربما لن تضئ في هذا اليوم أبدا . أخذت تعبث بأوراقها وهي تتذكر أياما مضت .
ففي هذا الوقت منذ عشرة أيام كانت هي وزوجها باركر يشتركان معا في تزيين هذه
الشجرة . وكانت الفرحة التي تعتريهما لا تتسع المكان , كان باركر يستعد للخروج في
المساء وعيونه تدمع
- بعد عشرة أيام سوف يكمل أبننا عاما كاملا .. لقد ولد في نفس يوم ميلاد
مخلصنا , انه فأل حسن . ربما صار خادما لسيده
وقتها ردت عليه زوجته
- هل تريد أن يهان ويصلب لأجل الآخرين مثلما فعل سيده ؟!
فيرد زوجها عليها بانفعال شديد
- ليس العبد أفضل من سيده .. أنني أفتخر به لو فعل هذا
وظنت الزوجة أن رجلها يمزح فردت عليه مازحة هي الأخرى
- ما تريده أفعله أنت .. أنني أريد لأبني أن يعيش في سلام .
أخذت تمسح عيونها بعصبية وهي تتذكر هذه الكلمات .. كانت تعرف كم يحب زوجها
ألهه .. ربما كانت كثيرا ما تنتقد طيبته الشديدة وخدمته للناس جميعا . حتى إنها كثيرا ما
قالت له
- لن تجد من يساعدك إذا وقعت يا باركر.. بينما أنت تساعد من يحتاج ومن لا
يحتاج .. الشريف والخسيس .. ولا تفرق بين أحد ويكون هذا علي حساب راحتك
وراحة بيتك .
فيقول لها زوجها
- آلم يفعل يسوع هذا ؟! .. وهل نحن نستأهل ذلك الخلاص المجاني الذي وهبه
لنا
وقتها صرخت به
- أنت لست يسوع
ولم تكن تعرف في هذا الوقت كم هي مخطئة .. إذ ابتسم وانهي حديثه وقال
- لقد تأخرت عن عملي
وقبلها بسرعة ثم استأنف
- سيكون يوم الميلاد يوما سعيدا
وتركها وخرج
أخذت جوزفين تنظر الي أولادها الخمسة في آلم , خمسة أولاد كانت هي وباركر يتوليان
تربيتهما وأصغرهم ولد يوم الميلاد منذ عام واحد فقط .
كان باركر ينتظر يوم الميلاد بفروغ صبر , أسرع واشتري شجرة الميلاد وكان يعد حفلا
كبيرا به يحتفل بعيد ميلاد سيده وابنه .. كان لا يزال الوقت طويلا ولكنه أسرع ودعي
الكنيسة وراعيها ليشاكوه فرحته .
لم يكن يمتلك الكثير فوظيفته كرجل مطافئ لم تكن تدر عليه دخلا كبيرا , لكنه كان يمتلك
قلبا كبيرا لم تكن الدنيا تستطيع أن تسعه . وكان يشعر بكل ضعيف محتاج ويده تمتد
لمساعدة الكل دون تمييز وكثيرا ما كان هذا علي حساب بيته واحتياجات بيته .
بعد ما خرج باركر بقليل سمعت جوزفين عربات الإطفاء وهي تجوب شوارع المدينة
الصغيرة فعرفت ان زوجها سوف يتأخر . ولكنها وهي التي تعرف زوجها جيدا لم
تتصور أن اخر حديث بينهما سوف يطبقه الرجل بحذافيره .
لقد شب حريق كبير في أحد ضواحي المدينة ولم يكتف باركر بمحاولة إطفاء الحريق .
ولكنه كان يدخل وسط النار يحاول أن يخلص الاخرين . بذل الكثير من الجهد ولم يشعر
بأي خوف الي أن تمكنت منه النار في إحدى المرات وراح فداء من أنقذهم .
لم تتمالك جوزفين نفسها وراحت تبكي وهي تنظر الي تلك الشجرة المضيئة وبعدها تنظر
الي أطفالها الخمسة التي ستتولى هي رعايتهم وحدها .. وحدها ؟! هل تستطيع ذلك !!!
دق جرس الباب , في تثاقل تركت تلك الشجرة التي كانت تعبث وبها وذهبت لتفتح
الباب . لتجد راعي الكنيسة وكل الذين دعاهم زوجها لحفلة الميلاد بالإضافة الي كل من
شارك باركر في إنقاذ حياتهم .
……. الكل أتي ليحتفل بعيد ميلا د السيد والصغير .
قال لها الراعي
- نحن معك .. نحمي المسئولية معك ..لقد علمنا باركر ذلك .
ووسط كثير من الدمعات قدموا لها تقدمة حارة تليق برجل بذل نفسه لاجل كثيرين ..
وكان بالنسبة لكثيرين كيسوع .